أرشيف

ثورة التغيير.. صناعة تجربة التغير فريدة تستلهم خصوصيات الواقع اليمني

إن السبب الرئيسي لكل ما تعانيه اليمن والبلاد العربية بشكل عام و من تخلف وفقر وغبن داخلي ومن الخارج و ليس بعجز شبابه بشكل عام لصنع الأحداث العظيمة ، فلقد برهن عن قدرته الفائقة على صنع العظيم منها كما رأينا وترى , بل إن أهم الأسباب تكمن في عدم إعطائها حقها من التحليل والدراسة وأدراجها في المناهج التعليمية والدراسية والأهم من ذلك عدم استثمارها ونتائجها كما ينبغي من خلال التخطيط الاستراتيجي والمتواتر للتنمية الشاملة لترجمتها مكاسب حقيقة على الواقع مع إنها أتت وتحققت بعد تضحيات جسام، لاحظوا أن التضحيات في سبيل صنع حدث تاريخي مثل الجمهورية التحرر والاستقلال والوحدة تكون كبيرة لكننا نظل نتغنى بكرم التضحيات دون الالتفات إلى تحقق الأهداف ولاحظوا معي هدف من أهدافاً ثورة 26 سبتمبر (إزالة الفوارق بين الطبقات) … ماذا تحقق منه؟ تحقق- مع الأسف- غزالة طبقة هامة جداً في بنيان المجتمع اليمني بدونها لا يستقيم بنيان أي مجتمع , الا وهي الطبقة الوسطى ..ولننظر إلى بقية الأهداف الستة ؟! أليس عدم تحقيق ما ينبغي تحقيقه منها خلال الفترة المنصرمة من عمر الثورة والوحدة هو سبب ما يعتمل


على الساحة وما أدى إلى ثورة الشباب؟ ثورة التغيير التي يجب أن تتحقق بأقل كلفة وتنفيذ أهدافها على الواقع من خلال دراسة الماضي وتجنب سلبياته والأخذ بايجابياته ومطالب العصر حتى لا تلحق بسابقاتها من أحداث عظيمة تنعكس في نشيد وعلم وأغنية وبرعة وشيء من عيش فقير –مع الأسف!


التغير سمة العصر:


كما رأينا سابقاً توق اليمني للتغيير الذي يسعى إلى الجديد على مدى تاريخه وإنصافه بالإيجابية في صنعها إلا أن استثمارها ونتائج تلك التضحيات لم تكن على الأقل كما ينبغي لأسباب عدة أهمها: التواكل والأخذ بمبدأ (كما ولد سميناه) و(ما بدأ بدينا عليه) ربما دون عمد أو تعمد وهو ما جعلنا دائماً نعيش في ظل شعارات مثل ( منعطفات خطيرة, مرحلة تاريخية هامة. وحادة (الجمهورية أو الموت) , الوحدة أو الموت الحفظ على الثوابت الوطنية ……….الخ)!!


من مراحل الخطر التي لم نشعر معها بالأمن ولم تنعم به أرض السعيدة هذا ما يجب ألا تقع فيه أو نكرره ثورة التغيير العصرية الراهنة التي تنهض بها الشباب وصنعتها عوامل متعددة ومتشابكة و تشارك بها معظم القوى السياسية الفاعلة في البلاد من مختلف طبقات وشرائح المجتمع بمختلف فئاتهم العمرية ومستوياتهم العلمية ولقد كانت للثورة أسبابها ومقوماتها المباشرة وغير المباشرة التي جعلتها حتمية كسمة عصرية لا رجعة عنها. لقد كانت سمة النصف الثاني من القرن العشرين هي سمة التحرير من الأنظمة الاستعمارية والمستبدة ولم يتخلف اليمن من هذه السمة :إذ بادر إلى التخلص من النظام المستبد والتحرر من الاستعمار ولكنه تخلف عن سمة التقدم الاقتصادي والصناعي والتقني والعلمي كما هو حال العالم العربي بشكل عام مع ثمانينات القرن الماضي وحتى أواخر تسعيناته.. وأستمرت التغيرات عبر الثورات الشعبية البرتقالية وما شابهها مثل ما حصل في أوكرانيا وأخيراً في قرغيزيا . ولم تتأثر قلاع التخلف الشديد بتلك المتغيرات ولم تتخذ منها عبرة بل ربما أستخدمتها بكثرة في مناكفاتها السياسية التي لم تغن ولم تسمن بل زادت على الجوع وإلى الجوع جوعاً ومن تلك القلاع البلدان العربية واليمن واحدة منها بفعل عوامل عديدة لا يتحمل مسؤوليتها شخص أو حزب بعينه مثل ماهي مسألة التغير.


من أهم أسباب التغير


هناك عدة من أساليب التغيير الذي عرفها العالم وعرفت وجربت بعضها بلادنا ومن أهمها.


1- الانقلابات لم تعد ممكنه بل تجاوزها الزمن ,وكانت لها مصائبها التي لم يعدها ولا يحصيها بشر وحال ليبيا شاهد صادق وموثوق به.


2- الثورات المسلحة والصراعات العنيفة والاغتيالات التي مر بها اليمن وجرب معظمها لم تزل آثارها المؤسفة تلاحقنا وستظل لفترة.


3- التدخل الخارجي كان ولم يزل أسوأ أساليب التغيير وأفدحها .. وما حصل في العراق والصومال وأفغانستان ماثلاً أمام العيان.


4- التداول السلمي للسلطة عبر الانتخابات الديمقراطية التي شملها الدستور وجربها اليمن إلا أن إفرازات الحرب والصراعات المسلحة كانت ذات أثر سلبي ملحوظ على مسيرتها إضافة إلى عوامل أخرى عديدة.


5- الثورات الشعبية والتي بدأت في نهاية القرن التاسع من القرن الماضي في أوربا الشرقية واستمرت في بعض بلدان المعسكر الاشتراكي سابقاً كما حصل في أوكرانيا (الثورة البرتقالية) وكان آخرها التغير الذي جرى في قرغيزيا في العام الماضي 2010م وصلت الى الوطن العربي متأخرة بدءا من تونس ثم شملت العديد من البلدان العربية كسمة من سمات العصر.


6- التغيير من الأعلى بالتلاحم مع الجماهير يعتبر هذا الأسلوب أنسب وأسلم أساليب التغير وأقلها كلفة وأكثرها نجاحاً وهذا ما أخذت به عديد من البلدان مثل ماليزا والصين وهو الأكثر ملائمة لعديد من البلدان العربية والبلدان النامية بشكل عام ولا يزال الوقت مناسباً بالنسبة لبلادنا أمام القيادة السياسية والحزب الحاكم باتخاذ العديد من الإجراءات التي تهيئ البلاد للانتقال إلى عصرها الجديد بدءا بالإجراءات التي تعزز الثقة مع القوى السياسية والشباب وجماهير الشعب بشكل عام


وبعيداً عن مقولة أن”الإصلاحات تحت الضغوط الشعبية تعتبر ضعفاً” بل أن ذالك يعتبر مجداً ويعتبر عن إرادة الحاكم المعبرة عن إرادة الشعب.


هناك العديد من أساليب التغيير قد تجمع بين هذا وذاك كما حصل في لبنان وما شهده السودان من تغير تاريخي طغت عليه أحداث الثورات في تونس ومصر والمتمثل بتقرير مصير جنوب السودان عبر الاستفتاء بعد مرحلة طويلة من الصراع المسلح الذي كلف السودان الكثير من الضحايا والخسائر البشرية والمادية سيظل يعاني منها إلى ماشاء الله.

نقلا عن صحيفة اليقين- العميد الركن / علي ناجي عبيد

زر الذهاب إلى الأعلى